[الطريقة الثانية: إفساد طريقة المخالف في إثبان النفس]
  على أصلين:
  أحدهما: أن ذلك لا طريق إليه.
  والثاني: أن إثبات ما لا طريق إليه لا يجوز.
[١: أن ذلك لإطريق إليها]
  فالذي يدل على الأول أنه لو كان معلوما لم يخل: إما أن طريقه الضرورة، أو الاستدلال، ولا يجوز أن يكون معلوما ضرورة؛ لأن ذلك يوجب أن يستوي العقلاء فيه، وأن لا يعترض لمن عرفه شك ولا شبهة، ومعلوم أن العقلاء لا يعرفون ذلك على هذا الحد، ومن يدعي معرفته ممن أثبت النفس لا يدعي معرفته ضرورة، بل يزعم أنها تعرف باستنباطات دقيقة وقياسات(١) غامضة.
  فبان أنها لا تعرف ضرورة.
  ولا يجوز أن يكون معلوما بالدلالة؛ لأنه لا دليل على ذلك؛ لأن جميع ما يذكر في الدلالة على النفس من صحة الفعل من أحد الشخصين دون الآخر - يمكن تعليق ذلك بأن أحدهما قادر دون الآخر، وصحة الفعل المحكم من أحدهما(٢) دون الآخر دليل على أن أحدهما عالم دون الآخر، ومتى صح من أحدهما أن يكون عالما وقادرا دون الآخر فذلك لكون أحدهما حيا دون الآخر، وإذا كان أحدهما عاقلا دون الآخر فذلك لاختصاص أحدهما بعلوم ضرورية هي العقل دون الآخر.
  وفي الجملة ما من خاصية يمكن أن تضاف إلى النفس التي زعموها إلا ويمكن إضافتها إلى هذا الشخص لمزية له معقولة فرقت بينه وبين غيره، وهذا الشخص معلوم ما يختص به من الصفات التي تظهر بها آثارها في الأفعال
(١) في المخطوطة: «باستنباطاه دقيقة وقياساه».
(٢) نهاية ١٦٧ أ.