[الطريقة الأولى: إقامة البرهان ابتداء]:
  في هذه الأفعال، دون غيره من نفس أو سواها؛ وفي ذلك إبطال ما رامه المخالف من إثبات نفس لهذا الشخص تصدر عنها الأفعال وتتعلق بها الأحكام، وهذا واضح لا يدفعه إلا من كابر حكم عقله.
  فإذا قد صح لك بهذه الجملة أن الإنسان المكلف المأمور المنهي المستحق للمدح والذم هو هذا الشخص المشاهد - علمت أن ما يستدل به المخالف على ما يذهب إليه من إثبات النفس على توهمه - شبهات لا معول عليها؛ لأن المطلوب بها إبطال ما هو معلوم ضرورة.
  وهذا القدر كافٍ في إبطالها على الجملة، فإن عرفت الجواب عن كل واحدة منها على التفصيل فحسن، وإلا فلا ضير، وهذا كما نقول فيها تمسك به السفسطائية من الشبهات فيما ذهبوا إليه من دفع الضرورات وإنكار المعلومات: إنا إن عرفنا الجواب على كل ما يريدونه مفصلا وإلا كفانا علمنا بأن الذي تمسكوا به دافع لما هو معلوم ضرورة في القضاء ببطلان شبهاتهم على الجملة، كذلك ما نحن فيه، غير أني أذكر في الطريقة الثانية عمدتهم الذي(١) تمسكوا بها والجواب عنها مفصلا بعون الله ومشيئته وتوفيقه وهدايته.
[الوجه الثاني]
  والوجه الثاني: أن كل واحد من العقلاء يعلم أكثر أحوال نفسه ضرورة، ولو كانت النفس على ما يزعمه المخالف لما صح أن يعلم ذلك ضرورة، فيبطل إثباتها على ما يقوله. وهذه الدلالة مبنية على أصلين:
  أحدهما: أن كل عاقل يعلم أكثر أحواله ضرورة.
  والثاني: أن النفس لو كانت على ما يزعمه المخالف لما علم ذلك على هذا الوجه.
(١) كذا.