العلم النافع
  وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} وقال ÷: «إني لا أتخوف على أمتي مؤمناً، ولا مشركاً، فأما المؤمن فيحجزه إيمانه، وأما المشرك فيقمعه كفره، ولكن أتخوف عليكم منافقاً عالم اللسان يقول ما تعرفون، ويعمل ما تنكرون»(١) من أجل ذلك حذر الشرع من أصناف من العلماء، يجعلون العلم شبكة يصطادون بها الدنيا، وسُلّماً يرتقون به إلى مصالحهم الضيَّقة، ويتقربون به إلى الظلمة، وإنما حذّر منهم الشرع؛ لأنَّ فتنتهم أشد وخطرهم أعظم. تراهم يزينون أعمال الظالمين لهم ويجالسونهم، يداهنونهم في دين الله، ويمدحونهم بمدائح الأنبياء والمرسلين، إيهاما للجهال أنهم على الحق المبين، والصراط المستقيم.
  قال ÷: «العلماء أُمَنَاءُ الرسل مالم يخالطوا السلطان ويداخلوا الدنيا، فإذا خالطوا السلطان وداخلوا الدنيا فقد خانوا الرسل؛ فاحذروهم على دينكم»(٢) وكتب أحد العلماء إلى الزهري ينصحه ويحذره من مخالطة بني أميَّة وخدمتهم، فكان مما قال له: (واعلم أن أيسر ما ارتكبت وأخف ما احتملت أنك آنست وحشة الظالم، وسهلت سبيل الغي بدنوك ممن لم يؤد حقاً، ولم
(١) رواه الطبراني في الأوسط.
(٢) أخرجه الموفق بالله.