حكاية
  يترك باطلاً حين أدناك، اتخذوك قطباً تدور عليك رحى باطلهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلائهم، وسُلّماً يصعدون فيك إلى ضلالهم، يُدخلون الشك بك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء، فما أيسر ما عمروا لك في جانب ما خربوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك في جانب ما خربوا عليك؛ وما أكثر ما أخذوا منك في جانب ما أفسدوا عليك من دينك، فما يؤمنك أن تكون ممن قال الله فيهم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ٥٩} فإنك تعامل من لا يجهل، ويحفظ عليك من لا يغفل، فداو دينك فقد دخله سقم، وهيء زادك فقد حضره السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء(١).
حكاية
  كان الفضيل بن عياض من العلماء الذين لا يدقون أبواب السلاطين، ولا يتزلفون اليهم، ويروى أنه لقي الرشيد ذات يوم فقال له الرشيد: ما أزهدك! فقال له: أنت أزهد مني؛ لأني زهدت في الدنيا التي هي أقل من جناح بعوضة، وأنت زهدت في الباقي، ومن زهد في درة أزهد ممن زهد في بعرة.
(١) ذكره الزمخشري في تفسير سورة هود، وأخرجه الموفق بالله في الاعتبار وسلوة العارفين.