نصيحة لطلاب العلم،

أحمد بن محمد الوشلي (معاصر)

خامسا: حسن السلوك

صفحة 39 - الجزء 1

  للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد» ولطالب العلم في رسول الله ÷ وأهل بيته والصالحين الأسوة الحسنة، فقد كان ÷ يقوم الليل حتى تفطرت قدماه، فقيل له: لم تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: «أفلا أكون عبداً شكوراً» وقال ضرار الصدائي واصفاً علياً #: فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وهو قائم في محرابه يتململ تململ السليم⁣(⁣١) ويبكي بكاء الحزين ويقول: (يا دنيا إليكِ عني، أبي تعرضت؟ أم إلي تشوقت؟ لا حان حينك⁣(⁣٢)، هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وأملك حقير، آهٍ من قلة الزاد وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد).

  ولقد رآه نوف البكالي يخطب في الكوفة وكأن جبينه # ثفنة بعير⁣(⁣٣) وكان زين العابدين # يلقب بالسَجَّاد لكثرة سجوده، وقيل: إنه كان إذا حضرته الصلاة يقشعر جلده، ويصفر لونه، وترتعد فرائصه، ويقف تحت السماء ودموعه


(١) السليم: الملدوغ من حية أو نحوها. وسدول الليل: حجب الظلام.

(٢) لا حان حينك: لا جاء وقت وصولك لقلبي وتمكن حبك منه.

(٣) من كثرة السجود، بكسر الفاء بعد ثاء مفتوحة وهو ما غلظ من البعير في ركبته من البروك على الأرض.