[بيان أن الغيبة من أعظم آفات اللسان]
  نحو: (ما بال أقوام يفعلون كذا)، كما كان ÷ يقول ذلك(١)، والمقصود واحد بعينه، فذلك جائز، فإن ذكرت بذلك حاضراً فتحريمه؛ لكونه أذية لا غيبة.
  وأما ذكر الغائب بما ليس فيه فذلك بهتان، وهو أشد من الغيبة، قيل: لأن فيه جمعاً بينها وبين الكذب.
  قلت: الغيبة والكذب لا يجتمعان؛ إذ الغيبة ذكر الغائب با فيه، فهي خبر صادق(٢)، وقيل: لأن فيه جمعاً بين النميمة والكذب.
  قلت: لا نميمة؛ إذ هي إفشاء السر، وهتك الستر عما يكره كشفه.
  قلت: ولو قيل: إن وجه الشدة هو(٣) أن الباهت يحتاج إلى التخلص في ثلاثة مواضع: يتوب إلى الله تعالى، ويتحلل من بهته، ويُعلم من تكلم عندهم بأنه كاذب فيما قال على فلان لكان أولى.
  فإن قلت: كيف كان البهتان(٤) أشد من الغيبة، وقد ورد أيضاً: «إن الغيبة أشد من الزنا»، فجُعِل الزنا أخف الثلاثة، والبهتان أشدها، والغيبة أوسطها؟
(١) إحياء علوم الدين ٣/ ٢١٠.
(٢) هامش في (ب) لفظه: قيل لحكيم متى يحمد الكذب؟ قال: متى جمع به بين متقاطعين، قيل: متى يذم الصدق؟، قال: إذا كان غيبة. تمت.
(٣) هو: سقط من (ب).
(٤) في (ب): البهت.