الدواء النافع من سم اللسان الناقع،

يحيى بن أحمد الأسدي (المتوفى: 1106 هـ)

[بيان أن الغيبة من أعظم آفات اللسان]

صفحة 28 - الجزء 1

  نحو: (ما بال أقوام يفعلون كذا)، كما كان ÷ يقول ذلك⁣(⁣١)، والمقصود واحد بعينه، فذلك جائز، فإن ذكرت بذلك حاضراً فتحريمه؛ لكونه أذية لا غيبة.

  وأما ذكر الغائب بما ليس فيه فذلك بهتان، وهو أشد من الغيبة، قيل: لأن فيه جمعاً بينها وبين الكذب.

  قلت: الغيبة والكذب لا يجتمعان؛ إذ الغيبة ذكر الغائب با فيه، فهي خبر صادق⁣(⁣٢)، وقيل: لأن فيه جمعاً بين النميمة والكذب.

  قلت: لا نميمة؛ إذ هي إفشاء السر، وهتك الستر عما يكره كشفه.

  قلت: ولو قيل: إن وجه الشدة هو⁣(⁣٣) أن الباهت يحتاج إلى التخلص في ثلاثة مواضع: يتوب إلى الله تعالى، ويتحلل من بهته، ويُعلم من تكلم عندهم بأنه كاذب فيما قال على فلان لكان أولى.

  فإن قلت: كيف كان البهتان⁣(⁣٤) أشد من الغيبة، وقد ورد أيضاً: «إن الغيبة أشد من الزنا»، فجُعِل الزنا أخف الثلاثة، والبهتان أشدها، والغيبة أوسطها؟


(١) إحياء علوم الدين ٣/ ٢١٠.

(٢) هامش في (ب) لفظه: قيل لحكيم متى يحمد الكذب؟ قال: متى جمع به بين متقاطعين، قيل: متى يذم الصدق؟، قال: إذا كان غيبة. تمت.

(٣) هو: سقط من (ب).

(٤) في (ب): البهت.