الدواء النافع من سم اللسان الناقع،

يحيى بن أحمد الأسدي (المتوفى: 1106 هـ)

[بيان أن الغيبة من أعظم آفات اللسان]

صفحة 29 - الجزء 1

  قلت: زيادة الشدة باعتبار تعدد وجوه التخلص، كما أشار إليه قوله ÷: «إياكم والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا»، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: «إن الرجل يزني ثم يتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يَغْفِرَ له صاحبه»⁣(⁣١) فلما كان التخلص يحصل في الزنا بأمر واحد وهو التوبة، كان التخلص منه أخف من الغيبة التي لا يتخلص منها إلا بأمرين: التوبة، والاعتذار⁣(⁣٢)، وكان البهتان أشد من الغيبة لما كان التخلص منه لا يحصل إلا بثلاثة بالتوبة، والاعتذار، وإعلام من تكلم عندهم بأنه كان كاذباً فيها قال على فلان فزيادة الشدة باعتبار الخروج من الذنب لا باعتبار اقتحام الذنب، والزنا⁣(⁣٣) أشد الثلاثة⁣(⁣٤) تحريماً، ولذا شُرِعَ الحد على فاعله، وأجمع على كبره.


(١) أخرجه الإمام أبو طالب # في أماليه ص ٥٥٤ برقم (٧٧٦) بسنده عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري بدون قوله: «إياكم والغيبة» وأوله فيه: «الغيبة أشد من الزنا» إلى آخره كما ورد هنا، وأخرجه بلفظ أبي طالب الإمام الموفق بالله # في الاعتبار وسلوة العارفين ص ٥١٤ برقم (٤٤٧) بسنده عن أبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله ®، ورواه بلفظ المؤلف هنا ابن أبي الحديد | في شرح النهج ٩/ ٤٣ عن جابر وأبي سعيد أيضاً، ورواه عنهما الغزالي في إحياء علوم الدين ٣/ ٢٠٦، وانظر تخريجه فيه.

(٢) قلت: وبمثل ما ذكره المؤلف هنا | في تفسير الحديث الشريف ذكره أيضاً الإمام أبو طالب # في أماليه ص ٥٥٤.

(٣) في (ب): فالزنا.

(٤) الثلاثة، زيادة من (ب).