الدواء النافع من سم اللسان الناقع،

يحيى بن أحمد الأسدي (المتوفى: 1106 هـ)

[اذكر أن الغيبة لا تقتصر على اللسان فقط]

صفحة 33 - الجزء 1

  شخص معين، أو غمز، أو تعريض، كالحولقة والاسترجاع⁣(⁣١)، وكأن يذكر صفات شخص تعريضاً بانتفائها من شخص آخر، بل قد قيل⁣(⁣٢): إن أشد الغيبة غيبة القراء المرائين وهو أن يذكر عندهم إنسان، فيقول قائلهم: الحمد لله الذي لم يبتلنا بكذا، وقصده أن يفهم الغير غيبة ذلك الشخص، فيخرج الغيبة مخرج الحمد، فيحصل من ذلك غيبة المسلم، والرياء وإظهار البغض للغيبة وهو مرتطم فيها، وكذلك: لقد ساءني ما يذكر به فلان نسأل الله أن يتداركه، ويكون كاذباً في دعوى أنه ساءه، وفي إظهار الدعاء له، ولو قصد الدعاء لأخفاه، ولو ساءه لساءه إظهار ما يكرهه ذلك الإنسان، وكذلك قد تُقدّم مدح من تريد غيبته، فتقول: ما كان أحسن أحوال فلان ما كان يقصر في العبادات⁣(⁣٣)، ولكن قد اعتراه فتور⁣(⁣٤)، وابتلي


(١) الحولقة: أي قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، والاسترجاع: أي قول: إنا الله وإنا إليه راجعون.

(٢) القائل هو ابن أبي الحديد | ذكره في شرح النهج ٩/ ٤٦، واللفظ فيه: وأخبث أنواع الغيبة غيبة القراء المرائين، ولعله ناقل ذلك القول عن الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين، انظر ذلك في الجزء الثالث من الإحياء ص ٢١١، وهناك هامش في (ب) لفظه: فائدة: ويقال: الغيبة فاكهة القراء، وضيافة الفساق وإدام كلاب أهل النار، ومزابل الأنقياء، قيل: ثلاث إذا ذكرت في المجلس فالرحمة مصروفة الدنيا، والضحك، والوقيعة، وليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال: إنك إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تسره فلا تغمه، وإن لم تمد تمدحه فلا تذمه. انتهى.

(٣) في (أ): العادات.

(٤) أي: ضعف.