الدواء النافع من سم اللسان الناقع،

يحيى بن أحمد الأسدي (المتوفى: 1106 هـ)

[اذكر أن الغيبة لا تقتصر على اللسان فقط]

صفحة 34 - الجزء 1

  بما ابتلي به كلنا⁣(⁣١)، وهو قلة الصبر، فذكر نفسه ومقصوده أن يذم غيره، وأن يمدح نفسه بالتشبه بالصالحين في ذم أنفسهم، فيكون مغتاباً ومرائياً، ومزكياً نفسه، فيجمع بين ثلاث معاصي، وهو يظن بجهله أنه من الصالحين المتعففين عن الغيبة.

  ثم اعلم أن الإصغاء إلى الغيبة على سبيل التعجب كالغيبة باللسان⁣(⁣٢)، بل أشد، إذا كان يظهر التعجب ليزيد نشاطه فيها، وكأنه يستخرجها منه بذلك، وإذا كان السامع الساكت شريك المغتاب، فما ظنك بالمجتهد في حصول الغيبة، والباعث على الاستزادة منها؟!

  وروي: أنه ÷، سمع شخصاً يقول لآخر: إن فلاناً لنؤوم، «فأخرج ÷ خبزاً»، فطلبا منه إداماً فقال: «قد ائتدمتها»، قالا: لا نعلمه، قال: «بل ما أكلتما من لحم صاحبكما»⁣(⁣٣)، فجمع بينهما في الإثم، وقد كان أحدهما قائلاً، والآخر سامعاً.

  [وقال ÷ لرجل: «تخلل» قال: ما أكلت لحماً، قال: «إنك أكلت لحم أخيك»]⁣(⁣٤).


(١) في (ب): كليا، وهو تصحيف.

(٢) باللسان، زيادة من (ب).

(٣) إحياء علوم الدين ٣/ ٢١١ - ٢١٢ (انظر تخريجه فيه)، ورواه ابن أبي الحديد | في شرح نهج البلاغة ٩/ ٥٠.

(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ب).