وربك الغني ذو الرحمة
  وقولهم: له وجه بلا كيف و ... الخ، ويُرى يوم القيامة بلا كيف، ويجلس على العرش بلا كيف، ويمشي وينزل، ويصعد ويهرول، ويضحك ويتكلم بلا كيف - قولهم هذا لا يمكن العقل أن يصدق به؛ لاستحالته.
  وتوضيح ذلك أن اليد إذا كانت موجودة وحقيقة كما يقولون فلا بد أن تتصف بصفة وكيفية، فلا بد أن تكون طويلة أو قصيرة أو بين ذلك، أو صغيرة أو كبيرة، أو متحركة أو ساكنة، أو رطبة أو قاسية والخ، ولا يمكن نفي تلك الكيفيات عنها. وكذلك لا يمكن أن نصدق أن الله تعالى ينزل ويصعد ويهرول ويجلس من غير أن يكون هناك حركة وسكون، وكذلك لا يمكن أن يُرى في الآخرة من غير أن يكون متحركاً أو ساكناً، ومن غير أن يكون في الأمام أو الفوق أو ... إلخ.
وربك الغني ذو الرحمة
  مما يجب معرفته التصديق والإيمان بأن الله تعالى غنيٌّ لا تجوز عليه الحاجة، والذي يدل على ذلك من جهة العقل أنه قد ثبت بما تقدم أن الله تعالى ليس بجسم، وبناءً على ذلك فيجب نفي صفات الأجسام وخصائصها عنه تعالى، ومن ذلك السرور والفرح، والهم والغم، واللذة والألم، والشهوة والنفرة، والزيادة والنقصان، والخوف والأمن، وهذه الخصائص هي دواعي الحاجة والفقر، فإذا كانت منتفية عن الله تعالى انتفى تَبَعًا لانتفائها عنه تعالى الفقرَ والحاجةَ، فإنه تعالى إذا انتفى عنه التلذذ فإنه ينتفي