المركب النفيس إلى التنزيه والتقديس،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

ولا تزر وازرة وزر أخرى

صفحة 19 - الجزء 1

  ومما يدل على بطلان مذهبهم:

  - أن الإنسان يلحقه حكم فعله من المدح والثناء، والذم والاستهزاء، والثواب والجزاء، وأن الإنسان يحصل منه الفعل على حسب إرادته، فكل هذا يدل على أن الفعل من الإنسان لا من الواحد الرحمن.

  - وأن الله تعالى قد أضاف أفعال العباد إليهم فقال: {يكسبون}، {يمكرون}، {يفعلون}، {يصنعون}، {يكفرون}، {وتخلقون إفكاً}، ونحو ذلك في القرآن كثير.

  فالحق الذي تؤيده فطر العقول، وتشهد له الحكمة والعدل، وتنادي بصحته آيات القرآن - أن الإنسان هو الذي يفعل الطاعة أو المعصية باختياره وإرادته ومشيئته، وأن المكلف قادر على فعل ذلك وعلى تركه، وأن الله تعالى منزه عن فعل معاصي العباد، فلم يخلقها ولم يشأها ولم يُردها، وأن العصاة فعلوا العصيان من قبل أنفسهم وباختيارهم وإرادتهم، وأن الله تعالى قد هداهم النجدين، ومكنهم في الحالين، لم يمنعهم عن المعاصي جبرا، ولم يدخلهم في الطاعات قهرا، وأنه لو شاء ذلك لفعله كما قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}⁣[يونس ٩٩]، يريد به تعالى مشيئة الإجبار؛ إذ لو أكرههم لبطل التكليف.

ولا تزر وازرة وزر أخرى

  المعنى في ذلك أن الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بذنبه، ولا يعاقبه بذنب غيره.