المركب النفيس إلى التنزيه والتقديس،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

صفحة 20 - الجزء 1

  والدليل على ذلك من جهة العقل أن عقاب من لا ذنب له ظلم، وكذلك عقابه بذنب غيره، والظلم قبيح، وهو تعالى لا يفعل القبيح كما تقدم، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}⁣[النساء ٤٠]، وقال: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}⁣[الزخرف ٧٦]، وقال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[الأعراف ١٦٤]، إلى غير ذلك.

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

  من مقتضى العدل والحكمة أن الله تعالى لا يكلف أحدا إلا ما يطيق، وذلك أن تكليف ما لا يطاق قبيح، وهو تعالى لا يفعل القبيح كما قدمنا، وقد قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة ٢٨٦]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة ١٨٥].

والله يقضي بالحق

  تدل هذه الآية أن الله لا يقضي بالباطل والكفر والفساد، ومن هنا فلا يجوز القول بأن المعاصي بقضاء الله تعالى ويراد بذلك أنه خلقها أو أمر بها أو أرادها أو شاءها، وقد يراد بالقضاء العلم، فيقال: إن المعاصي بقضاء الله، أي: أنه تعالى عالم بها، وقد قال تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ}⁣[غافر ٢٠]، وقال تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ}⁣[غافر ٣١]، وقال: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر ٧]، {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}⁣[البقرة ٢٠٥]، فكل ذلك يدل على أن الله تعالى