الباب السادس: في العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد
  قَبلَ البَحْثِ عَنْ مُخصِّصِهِ(١)، وَيَكفِي المُطَّلِعَ ظَنُّ عَدَمِهِ، وَأنَّ مِثْلَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} لاَ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ سَيُوجَدُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَأَنَّ دُخولَ النِّسَاءِ فِي عُمُومِ «الَّذيْنَ آمَنوا» أَو نَحوِهُ - بِنَقلِ الشَّرعِ(٢)، أَوْ بِالتَّغْلِيبِ(٣)، وَأَنَّ ذِكْرَ حُكمٍ لِجُملَةٍ لاَ يُخَصِّصُهُ ذِكرُه(٤) لِبَعْضِهَا(٥)، وَكَذَا عَودُ الضَّمِيرِ إِلَى بَعْضِ العَامِّ(٦)؛ إِذْ لاَ تَنَافِي بَينَ ذَلِكَ(٧) فِي الْمَسْألَتَيْنِ.
  وَالمَخْصِّصُ: مُتَّصِلٌ(٨)، وَمُنْفَصِلٌ(٩).
(١) لأن المخصص في الشرع كثير فيضعف ظن بقاء العموم على ظاهره فقد قيل: ما من عموم إلا وقد دخله التخصيص.
(٢) لحمل الصحابة والتابعين ما كان كذلك على الجنسين؛ لاشتراكهما في صفة الإيمان.
(٣) أي: تغليب الذكور على الإناث؛ لاشتراكهم في صفة الإيمان.
(٤) أي: ذكر الحكم مرة ثانية.
(٥) نحو: قوله ÷ «أيما إهاب دبغ فقد طهر» مع قوله ÷ في شاة ميمونة: «دباغها طهورها» فتعم الطهارة كل إهاب ولا يخص الشاة.
(٦) بمعنى أنه إذا ورد عام وبعده ضمير يرجع إلى بعض ما تناوله العام فإنَّ عود الضمير إلى ذلك البعض لا يقتضي تخصيصَ العامِ بل يبقى على عمومه، مثال ذلك قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} فهذا عام للرجعيات والبوائن، ثم قال تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} والضمير لا يعود إلا إلى الرجعيات فقط لا إلى البوائن؛ إذ الزوج لا يملك رجعتهن، فيبقى الأول على عمومه ولا يخصصه عود الضمير إلى البعض.
(٧) أي: بين أن يذكر بعد العام حكم لا يتأتى إلا في بعض أفراده، وبين بقاء العام على عمومه، ولا بين عود الضمير إلى بعض أفراد العام وبين العام، فحينئذ يبقى العام على عمومه.
(٨) وهو الذي لا يستقل بنفسه كالاستثناء والشرط ونحوهما.
(٩) وهو الذي يستقل بنفسه.