إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في بيان ماله كان معجزا

صفحة 186 - الجزء 1

  يقال: إن الناس صُرِفوا عن فعل الأجسام والألوان والحياة والقدرة، وإن لم يثبت أن شيئا منه متأَتٍّ منهم، وهذا واضح السقوط. وكذلك القول في الصرف عن القرآن.

  وأما سؤالُ مَن يسأل من أهل هذه المقالة، فيقول: إذا كان الانسان قادراً على أن يقول: {الْحَمْدُ للّهِ}⁣[الفاتحة: ٢] ويتأتى منه أن يقول: {رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}⁣[الفاتحة]، وغير متعذر عليه أن يأتي على جميع القرءان، فما الذي يمنعه عن الاتيان بمثله؟! ومتى يحصل التعذر، أعند أول كلمة، أو عند الثانية، أو الثالثة، أو ما بعدها؟! وذلك مما لا يصح، فثبت أن الاعجاز هو الصرف. فإنه من ركيك السؤال، لأنا قد بيَّنا فيما تقدم أن إنشاء الخطبة، أو الشعر، أو الرسالة، أو نظم القرءان، في أعلى طبقات الفصاحة، يحتاج إلى علم زائد على العلم بالنظم والفصاحة، وذلك العلم الزائد هو الذي يعبر عنه بالطبع، فلا وجه لهذا السؤال.

  على أنا نوضح سقوطه، بأن نقول لهذا السائل: أليس قد علمت أن كل أحد ممن يعرف لغة العرب يمكنه أن يقول: «فإنك»، ويمكنه أن يقول: «كالليل»، ويمكنه أن يقول: «الذي»، ولا يتعذر عليه أن يقول: «هو مدركي»، ويتأتى منه أن يقول: «وإن خلت»، ويتأتى منه أن يقول: «أن المنتأى»، ولا يتعذر عليه أن يقول: «عنك واسع».