إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في بيان ماله كان معجزا

صفحة 187 - الجزء 1

  أفترى أن كل من يعرف لغة العرب، يمكنه أن يأتي بمثل قول النابغة:

  فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك أوسع

  فيقال له: متى يحصل المتعذر عليه عند أول لفظة، أو عند الثانية، أو عند الثالثة، أو بعدها؟! ثم يلزم ذلك في جميع أشعار العرب وخطبهم، وهذا فساد أظهر من أن يحتاج إلى الاطناب، ولا بد لهذا السائل من الرجوع إلى ما تقدم من جوابنا.

  ولهذا قالوا: إن الشاعر المفلق: هو الذي ترمي قريحته بالبيت بعد البيت.

  والمتوسط: من يأتي بالمصراع بعد المصراع.

  والمتكلف: من يأتي بالكلمة بعد الكلمة، حتى يؤلفها شعرا.

  وليس الفاصل بين الشاعر الأول والثاني أو الثالث إلا العلوم التي أشرنا إليها، المعبَّر عنها بالطبع، وهكذا أحوال الخطباء والمترسلين، منهم من يستجيب طبعه إلى أن يأتي بالفصول بعد الفصول، والأسجاع بعد الأسجاع، يكاد يتسلسل عليه ماء العذوبة، ويبعد عن التكلف والتعسف، ومنهم من يؤلف الكلمة إلى الكلمة، والسجع إلى