إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في بيان ماله كان معجزا

صفحة 189 - الجزء 1

  القرءان أمرا لا يتعذر مثله على العرب وإنما صرفوا، كان لا يتعجب منه المتعجب، ولا يحار فيه الحائر، وإنما كان يكون التعجب والحيرة في صرفهم.

  ألا ترى أن نبياً لو قال: معجزتي أن أكلمكم اليوم إلى المساء بما تكرهون، فلا يمكن أحد منكم أن يجيبني، لأنكم تصرفون عنه، كان الاعجاز في صرفهم هو الذي يكون أعجوبة.

  وقد يحار من يحار دون مخاطبته المعهودة لهم، كذلك يجب أن يكون حال القرءان والصرف على أوضاعهم لو كانت صحيحة، وفي جري الأحوال على خلاف ذلك دلالة على فساد قولهم.

  فأما السور القصار، فليس يبعد عندي أن يقال: إنهم صرفوا عن الاتيان بمثلها، إذ ليس يظهر لنا في نظمها وفصاحتها ما يمكن أن نقول: إن الاعجاز تعلَّق فيه، وهذا فيه نظر. والله أسأل حسن التوفيق.

  ونحن نبين الآن فصاحة القرءان وشرف موقعه، ومصادفة نظمه أعلى طبقات الفصاحة، إذ به يتم ما اعتمدناه وبنينا كلامنا عليه. والله الموفق والمعين.

  هذا ولست أطمع في أن أذكر جميع مزاياه وعجائبه، وما اختُص به من دقائق المعاني، وعلو رتبته في الفصاحة، ومباينته عامة كلام