الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة
  مميزا بمزايا أقسام الفصاحة عليها، فيتضح عندك أنه على ما ادعيناه في أعلى طبقات الفصاحة، وأن من ذهب من العلماء إلى أن الاعجاز راجع إلى مجرد الفصاحة لم يبعد عن الصواب كل البعد، وإن كان الأصح عندي على ما قدمت أنه راجع إلى النظم والفصاحة معاً.
  ومما يبين بلوغ القرءان غاية الفصاحة، أن الشاعر ربما ضمَّن لفظة من القرءان بيتا من الشعر، أو حشا الخطيب بها فصلا من الخطب، أو وشَّح الكاتب بها موضعا من الرسالة، فيتميز بحسنها عن غيرها، ويتبين ببهجتها على ما سواها، ويصير الموضع الذي تضمنها غرة من سائره، وبحسنه الذي اكتسبه من تلك اللفظة، وزبرجه الذي استعاره منها.
  ومما يبين ذلك: أن كثيرا من الفصحاء، وُجِدَ في كلامهم كلمات فصيحة رائعة، صارت لبلاغتها أمثالاً سائرة، ووُجِدَ معناها في القرءان، إلا أنك إذا تأملتها وجدت التفاهم بينها كثيرا، وظهر لك فضل ألفاظ القرءان على تلك الألفاظ ظهوراً تاماً. فمنها ثلاث كلمات تذكر عن أمير المؤمنين #: