إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب

صفحة 244 - الجزء 1

  فكان الأمر على ما أخبر به ø، لأن الكفار أنفقوا ما أنفقوا من الأموال للخروج إلى أحد، وصار في آخر الأمر عليهم حسرة.

  وكذلك ما أنفقوا لجمع الأحزاب، وما أنفقه مالك بن عوف حين جمع هوازن يوم حنين، صار جميع ذلك حسرة عليهم، وغلبوا، على ما أخبر الله ø، وهذا أيضا من الغيب الذي لا يطلع عليه أحد إلا الله ø، وليس لأحد أن يدعي أن هذه الآية نزلت بعد الانفاق، لقوله ø: {فَسَيُنفِقُونَهَا}، والسين إذا دخلت على الفعل المضارع حققت أنه للاستقبال. فدلَّ ذلك على أن الآية نزلت قبل الإنفاق.

  ومن ذلك قول الله ø: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ١٤ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}⁣[التوبة]، فجرى الأمر على ما أخبر الله ø به، فإنه تبارك وتعالى عذَّب الكفار بأيدي المؤمنين، إذ أمكنهم من قتلهم وأسرهم وسبي ذراريهم، وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم وأخزاهم، كما وعد سبحانه. ونصر المؤمنين عليهم وشفى صدورهم، وأذهب غيظ قلوبهم كما أخبر. وهذا مما لا يجوز أن يعلمه قبل كونه إلا الله ø.

  ومن ذلك قوله ø: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ