الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب
  خيبر حتى ظفر بهم وبديارهم وأموالهم، فلم ينصروهم، كما أخبر الله ø في ذلك عنهم، فكان في القصة ثلاث من المعجزات:
  إحداها: أن النبي ÷ كان مضى إلى بني النضير، ومعه أمير المؤمنين # وأبو بكر وعمر وغيرهم، في أمر كان عرض، وجلس مستندا إلى جدار حصنهم ÷، فتآمروا فيما بينهم، واتفقوا على أن يرسلوا عليه من فوقه صخرة تقتله، فأتاه الوحي في الحال، وعرف ما كانوا تآمروا، فقام في الوقت من موضعه ذلك وعاد إلى المدينة، ولم يعرف أحد من أصحابه السبب في ذلك، إلى أن عرَّفهم ÷ ذلك.
  فكان ذلك أمرا واضحا في وقوفه على سرهم، من غير خبر أتاه من جهة أحد من الناس، ولا يجوز أن يكون إلا من جهة الوحي.
  والثانية: ما أخبر من سر المنافقين ومراسلتهم، فإنهم كانوا مجتهدين في إخفاء ذلك.
  والثالثة: خبره ø عنهم أنهم كاذبون، وأنهم لا يفون لهم بما وعدوهم، فجرى الأمر على ذلك.
  ومن ذلك قوله ø بعد هذه القصة: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ}[الحشر: ١٤]، فجرى الأمر على ما أخبر ø. فإن من قاتل منهم لم يقاتل إلا من {وَرَاء