الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب
  جُدُرٍ}، ولم يبرزوا للنبي ÷ كما برز المشركون يوم بدر، ويوم أحد وحنين. وهذا مما لا يجوز أن يطلع على حقيقته إلا الله ø، العالم بالمغيبات.
  ومن ذلك قوله ø في اليهود: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}[الأعراف: ١٦٧]، وقد علمنا [ذلك] من أحوالهم، لأنهم في جميع المواضع مقهورون مستذلون، لا يمكنهم الثبات إلا مع الجزية والصغار، وأحوالهم خلاف أحوال النصارى. فإن للنصارى دارا ومملكة مثل الروم وما حوله، على ما أخبر الله تعالى في القلة والذلة.
  ومن ذلك قوله ø: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ١ ...}[المسد] إلى آخر السورة. وذلك إخبار عن موته على الكفر، وجرى مخبره على ما أخبر به ø، وهو مما لا يعلمه إلا علام الغيوب.
  ولهذه الآيات في القرءان نظائر، وفيما ذكرنا كفاية وبلاغ لمن نصح نفسه، وأنصف عقله، واتبع رشده.
  فإن قيل: ولم ادعيتم أن الإخبار عن الغيوب يتضمن الاعجاز الذي إذا أتى به إنسان وادعا النبوة ثبتت نبوته؟ وما أنكرتم أن يصح ذلك من المنجم الذي يخبر عن الشيء، فيتفق أن يكون مخبره على ما أخبر به؟!