إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب

صفحة 252 - الجزء 1

  قيل له: إن المعتاد من أمر الرؤيا وصحتها، معلوم أنه إلى أي حد يكون، وإن كان صحيح الرؤيا قد تعرض ل هـ أضغاث الأحلام. والتعبير أيضا قد يقع فيه الخطأ كما يقع الصواب، ولا يستمر الأمر فيه هذا الاستمرار، وهو يوجب غالب الظن دون العلم المقطوع به، فإذا كان الله ø خص نبينا ÷ من الرؤيا بما أبانه من سائر الخلق، وبما هو ناقض للعادة، فهو أيضا معجز دال على صحة نبوته.

  فإن سألوا عن الفرق بينه ÷ وبين الكاهن، والذي ينظر في الكف؟!

  فالجواب عنه: أن الكهان لا يمكنهم الخبر عن تفاصيل الأمور على الاستمرار على وجه يكون صدقا، وهذا معروف من أحوالهم، لأنهم يقولون بأمور تعرض لهم، وبأمارات تظهر لهم، وإن أصاب الواحد منهم، ففي شيء على سبيل الاتفاق، ويخطئون في أشياء يظهر فيها كذبهم.

  وكذلك من ينظر في الكف. إنما يخبر عن جمل الأحوال، ولهم كلام في ذكر الأمارات الدالة على الأمور، والأوراق المصنفة لهم في ذلك، يذكرون حال العَظْم، وما يظهر فيه من النقْط والتخطيط، ومواضع ذلك من العظم الذي هو الكف، وليس يمكنهم الخبر عن تفاصيل الأمور، وأكثر ما يحكى من ذلك حكايات يغلب على الظن أنها كذب، وإن صح شيء من ذلك فعلى سبيل الاتفاق، على أنه