إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

ذكر ما وجد في الكتب المتقدمة من البشارات بالنبي ÷

صفحة 300 - الجزء 1

  قيل له: أرأيتم إن جاء مَن تدَّعونه، ثم أنكره منكر. ما يكون برهانكم عليه؟

  فإن قيل: إذا جاء أتى بالمعجزات. فمهما قالوا في ذلك فهو جوابنا.

  ثم يقال لهم: إذا أتى مَن توجد فيه الأوصاف المذكورة، فيجب أن نعلم أنه هو الذي بشَّرت به الأنبياء À، لأنه لا يجوز أن يعرِّفنا نبي من الأنبياء أنه يأتيكم رجل حاله كذا وصفته كذا. فإذا أتاكم فافعلوا به كذا، من تصديق أو تكذيب، ثم يأتينا رجل بتلك الصفة، ولا يكون هو مراداً بذلك الخبر، بل يكون المراد غيره، والمقصود سواه. لأنه لو كان ذلك كذلك، كان ضربا من التلبيس، ويجب أن يمنع الله ø منه. وفي هذا إبطال هذا السؤال.

  فإن قيل: بيِّنوا أن تلك الأوصاف حاصلة لنبيكم ÷؟

  قيل له: ما جاء في التوراة: «جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبل فاران»، لا التباس في أن المراد بقوله: «واستعلن من جبل فاران» هو ابتعاثه رسول الله ÷، لأن جبال فاران لا إشكال في أنها جبال مكة، ولم تظهر عبادة الله ø وتسبيحه وتهليله، وخلع الأصنام والأنداد بمكة ظهوراً انتشر في الآفاق، وتحمله الركبان، إلا برسول الله ÷، كما أن ظهور ذلك بظهور سيناء، لم يكن إلا بموسى صلى الله عليه،