ذكر ما قيل في أمره ÷ على سبيل التأكيد
  واستأثر الله به، وعليه دَين، وكفن ÷ في ثيابه التي كان يعبد الله فيها.
  وحاله في ذلك أجمع، كانت مشهورة عند أوليائه وأعدائه، لم يختلف فيه اثنان، ثم كان مع ذلك أشد الناس تواضعا. كان يأكل على الأرض، ويجلس عليها، ويلبس الخَلِق، ويمشي في الأسواق، كواحد من العامة، ويجالس المساكين. وروي أنه كان يقول: «إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبيد، وأشرب كما يشرب العبيد».
  ثم كان مع ذلك أشجع الناس، وأقواهم قلبا، وأثبتهم وأشدهم جماحا، ما فرَّ قط، ولا خاف، ولا كان منه ما اتفق للشجعان من حَولِه، أو قوته.
  ويوم حنين لما ولَّى أصحابه مدبرين، ثبت هو الثبات الحسن في نفر من عترته، حتى رجع إليه أصحابه، وأظفره الله على أعدائه. ويوم أحد لما شاع في أصحابه القتل الذريع، وجرى على حمزة صلى الله عليه ما جرى، ثبت أحسن الثبات، ولم يولِّ القوم دبره، ولم يقف موقفا - مع قلة تجلد أصحابه وكثرة أعدائه - إلا ثبت، ولم يعرض ل هـ فيه اضطراب ولا عجز، ثم انضاف إلى ذلك كرمُ عفوه، وعظيم صفحه، مع كثرة الأعداء عليه.