إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

ذكر ما قيل في أمره ÷ على سبيل التأكيد

صفحة 305 - الجزء 1

  فإنه ÷ لم يقف من أحد، ولا وقف مع أحد موقف المغتاظ الحنق، بل كان يعفو ويصفح، ثم لا يتبع ذلك منَّاً ولا أذى، ولا يفسده بتنغيص أو تكدير، وأظهره الله بأبي سفيان بعد تمثيله بعمه حمزة #، وبذله الوسع في معاداته، فلم يَلْقَه إلا بأحسن صفح، وأكرم عفو، وتجاوز عنه أحسن التجاوز، ولما أظهر الاسلام أكرمه بقوله: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن».

  ولم يشف غيظه من أحد من أهل مكة، مع ما كان منهم ÷، وإلى أصحابه من الأسباب القبيحة، وطلبهم دمه ودماء أصحابه، وتسفههم عليه وعليهم، ولم يكافئ أحدا منهم على سوء صنيعه، وقبيح فعاله. ولم يعاتب أحداً منهم على ما كان منه، ولم يواقفه عليه، وقال لما قام فيهم خطيبا: «أقول كما قال أخي يوسف صلى الله عليه: لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم».

  ثم انضاف إلى ذلك حسن العشرة، مع القريب والبعيد، والولي والعدو. وخفض الجناح، ولين الجانب، وبُعده عن الغلظة والفظاظة، كما قال الله ø: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}⁣[آل عمران: ١٥٩].