إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

ذكر ما قيل في أمره ÷ على سبيل التأكيد

صفحة 306 - الجزء 1

  فتأمل - رحمك الله - هذه الخلال التي خصَّه الله بها، وأبانه بفضائلها دون الناس كافة، فنبَّه ذلك على أنه ÷ مراد لأمر جسيم، وخطر عظيم، كما قال الله ø: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ٤}⁣[القلم]، وقال: {اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}⁣[الأنعام: ١٢٤].

  ومن ذلك ما اشتهر وعرف من أحواله ÷، أنه لم يكن في مولده ومنشأه وخروجه إلى ناحية الشام - حين خرج - يخالط أهل الكتاب، ولا يشتغل بمدارستهم ومجالستهم ومجاراتهم.

  وأن قومه الذين كان نشوؤه معهم، وبين أظهرهم، لم يكونوا يتعاطون شيئا من علوم أهل الكتاب، بل لم يكونوا يعرفون شيئا منه، فهو ÷ لم يفارق قومه في مقامه ولا ظَعَنه، ولا شيء من أحواله.

  ثم إنه صلى الله عليه وآله أتى بالأقاصيص التي كانت في كتبهم، من قصة إبليس مع آدم صلى الله عليه، وسائر أقاصيص آدم ومَن بعده إلى قصة المسيح صلى الله عليه، وسردها وتلاها على ما في كتبهم، ولم ينكر أهل الكتاب إلا يسيرا.

  فكيف يجوز أن يكون عرف تلك إلا من جهة علام الغيوب؟