إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

ذكر ما قيل في أمره ÷ على سبيل التأكيد

صفحة 307 - الجزء 1

  وكيف يرتاب في ذلك مَن علم مِن حاله أنه لم يكن يشتغل بعلوم أهل الكتاب؟ كما يعلم أنه لم يكن يشتغل بعلوم التنجيم والهندسة والفلسفة، وهذا مما ذكره بعض العلماء على سبيل الاستدلال به.

  فأما ما ذكره على سبيل التأكيد فمما لا مرية فيه ولا شبهة، والحمد لله. وقد نبَّه الله ø على ذلك، بقوله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ٤٨}⁣[العنكبوت].

  ومن ذلك سلامة القرءان وما أتى به ÷ من الشرائع، عن التناقض والتدافع، واستمرارها على طريقة واحدة، وأنها لا تزداد إلا تأكدا وبيانا، مع الفحص والبحث وشدة التنقيب على أحواله، وكثرة إيراد أجناس الكفار للشُّبَه. سيما الملحدة، فإنهم لم يَدَعُوا شيئا يجوز أن يخرج في تعريف شبهة أو تخييل، إلا قاموا به وقعدوا، وأوردوا وذكروا، طمعا في إطفاء نور الحق، {وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ٣٢}⁣[التوبة].

  وقد نبَّه الله جل ذكره على هذه الحملة بقوله: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ٨٢}⁣[النساء].

  ومن ذلك أنه ÷ كان من أول مبعثه إلى أن اختار الله ل هـ دار كرامته، كان على غاية قوة اليقين، وانشراح الصدر،