إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في أن معارضة القرءان لم تقع

صفحة 86 - الجزء 1

  ولم يتحصل لنا العلم بكل ما ذكرنا، إلا من حيث علمنا أن شيئا من ذلك لو كان لنُقِل، ولو نقل عُلِمَ. فبان بما ذكرنا أن القرءان لم يعارَض، لأنه لو كان عُورِض لنقل، ولو نقل لحصل لنا العلم.

  فإن قيل: إن جميع ما استشهدتم به قد وقع العلم لنا بصحته ولا ننكره. ولكن من أين وجب أن يكون حكم معارضة القرءان حكم ما استشهدتم به؟!

  قيل له: لأن ما ذكرنا من الطريقة أمر عام ليس يختص شيئا دون شيء، فيجب أن تكون جميع الطرق التي تتعلق بها الدواعي إلى نشرها وذكرها، وتقوى البواعث عليها، جارية في هذا الباب مجرى واحدا.

  فإن قيل: فكأنكم تقولون: إن كل ما لم ينقل من الأحوال الماضية نقلا متواترا يجب القطع على أنه لم يكن. ولئن قلتم ذلك لزمكم أن تقطعوا على أنه لا معجز للنبي ÷ إلا ما يكون الخبر به متواترا. ويلزمكم القطع على أن كل خبر يروى عنه ÷ من طريق الآحاد كذب لا أصل له. وهذا خلاف ما بين المسلمين. ويلزمكم في أحوال الدنيا والمعاملات أن كل ما لا يتواتر الخبر به من المجوَّزَات، فهو مقطوع على أنه لم يكن، وفي هذا من الفساد ما لا يخفى؟!

  قيل له: نحن لا نقول إن كل ما لا يتواتر الخبر به يجب القطع على أنه لم يكن على الإطلاق، وهذا لا يقوله مُحصِّل. وإنما نقول: إن الأمر إذا كان مما يكون وقوعه لو وقع ظاهرا لا خفاء به، ثم كانت