إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[قرآن مسيلمة الكذاب]

صفحة 104 - الجزء 1

  {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ٢٤}⁣[سبأ]، أراد: إني على الهدى وأنتم في ضلال مبين، فعدل عن ذلك إلى الإيجاز والتلويح بلفظ هو أشرف وأجزل، وكان الفرض في هذا بيان ذلك بما يكون أجمل، والتنبيه عليه بما يكون ألطف، وكلام هذا المختلق لا يحتمل ذلك، لأنه أردفه بقوله: «عليهم غضب من ربهم»، وهذا نبوٌّ في المعنى الذي له يعدل عن التصريح إلى التلويح.

  ومن ذلك قوله تعالى: {مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ}⁣[آل عمران: ١٥٢]، فعاتبهم بألطف عتاب، وجعل خطابهم أجمل خطاب. ثم عقبه بقوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ}⁣[آل عمران: ١٥٢]، فكان عجز الكلام مطابقا لصدره، واستمر الغرض فيهما على منهاج واحد.

  ومن زيادته أيضا قوله: «أولئك وراءهم شر ما يظنون»، وهذا وإن كان اللفظ لغوا، فإنه أخذه من معنى قول الله تعالى: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ٤٧}⁣[الزمر]، وكساه من لفظه الخسيس ما أزال رونقه وبهجته.

  ومن كلام هذا الجاهل وأوهم أنه عارض: «قل أعوذ برب الناس، المعاذ بصاحب البلد، مالك البلد، وباني البلد، وساكن البلد، من