[قرآن مسيلمة الكذاب]
  شر العاربة، وأهل الطاغية، الذي أضل صاحبه، ومنع جانبه، وحمى جاره من سكان المدر، وخلاف العذر والعرر».
  تأملوا - رحمكم الله - حال هذا الجاهل في ادعائه أنه أورد معارضة، ومن جاء إلى كلام فصيح شريف الوضع أو كلام متوسط أو مسترذل. فأبدل كل كلمة منه بكلمة نافرة أو غير نافرة، هل يكون معارضا؟ وهل يستحق ذلك أن يسمى: معارضة؟!
  فأما قوله: «أضل صاحبه، ومنع جانبه» ... إلى آخر الفصل، فكلام لا يلاحن بعضه بعضا، لأن قوله: «أضل صاحبه» ذم، وقوله: «حمى جاره» مدح. وقوله: «سكان المدر، وخلاف العذر والعرر» لا ملاءمة بين بعضه والبعض، وإنما طلب به السجع من أقبح الوجوه. على أن سكان المدر لا مزية لهم في الشر على غيرهم، فلا وجه لتخصيص الاستعاذة من شرهم لولا عمى قلبه.
  وقلنا: إن هذا الفصل لا يصح بتة على وجه من الوجوه أن يسمى: معارضة، لأنه جارٍ مجرى أن يقول الانسان: ونظنهم منتبهين وهم نيام.
  ويدعي أنه عارض قوله: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ}[الكهف: ١٨]، فلا يستحق أن يسمى: معارضة بتة، لأنه أبدل كل لفظة منه بلفظة، وأتى بألفاظ وضيعة بدل ألفاظ شريفة.