إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[قرآن مسيلمة الكذاب]

صفحة 108 - الجزء 1

  ولست أقول: إن هذا القدر لا يحتمل أن يقع في كلام الفصحاء، ولكن إذا أتى كلاما فصيحا فرام أخذ معناه بلفظ من عنده يكسوه، فأقل ما في بابه أن يساويه، إن لم يجاوزه.

  فأما أن يسقط دونه فهو من أمارات الخذلان. على أنا قد بيّنا أن هذا الجنس من الكلام لا يستحق اسم المعارضة، ومن أتى به لا يصح أن يسمى: معارضا على مذهب العرب والعجم. فإن للعجم أيضا معارضات على مقادير لغاتهم، وضربنا لصحة ما قلناه الأمثال بالأبيات التي أبدلنا كل لفظة منها بلفظة، فاتضح الكلام فيه بحمد الله ومنِّه.

  ومن كلام هذا الجاهل - وقيل: إنه أوهم به معارضة قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ٧}⁣[الفجر] -: «تأمل صنيع الله بأهل الشام، وقد شملتها الآثام، وكثر فيها الإجرام، فيومئذ حين أظلتهم الآكام، والقادمين من السوق بالخيام، إن ربك صب عليهم سوء العذاب، إنه لا يعجل العقاب، ولهم الجزاء الأوفى يوم الثواب».

  تأملو - رحمكم الله - هذا الفصل وما فيه من الخلل، لتعلموا بُعدَ هذا الانسان عما تحراه، وسقوط كلامه دون الغرض الذي رماه.

  فإن أول الكلام من كلام الكُتّاب المقلِّين في البضاعة، المتكلفين للصناعة، وفي كُتَّاب عصرنا من لا يلحق هذا الكلامُ شيئا من كلامه.