إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[قرآن مسيلمة الكذاب]

صفحة 109 - الجزء 1

  فقوله: «شملتها الآثام، وكثر فيها الإجرام»، تطويل لا يفيد آخره إلا ما أفاد أوله.

  ولعل ظانا يظن أنه مثل قول الله ø: {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ١١ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ١٢}⁣[الفجر]، وليس ذلك كذلك، لأن الطغيان هو مجاوزة الحد في الترفع والتكبر، ومنه قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ١١}⁣[الحاقة]، والخنا والفساد ليسا من ذلك في شيء.

  وهذا الجاهل أخذ هذا من قول الله تعالى: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}⁣[البقرة: ٨١]، فانظروا في حال الكلامين في جزالة اللفظ واختصاره، مع أن فيها المعاني، ليعلم أن ما بين الكلامين ما بين الثرى والثريا.

  وقوله: «إن ربك صب عليهم سوء العذاب». وقوله: «الجزاء الأوفى»، كله من ألفاظ القرءان، لأنه أفسد الوضع حين عقب «صب عليهم سوء العذاب» بقوله: «إنه لا يعجل العقاب»، لأنه لا يحسن أن يقال: «عذبهم».

  ثم يقال: «لا يعجل العقاب»، لأن الإخبار بأنه لا يعجل العقاب إنما يحسن أن يكون توعدا مع المهل، أو توعدا قبله، أو بعد ذكر العفو. فأما مع الإخبار بنزول العذاب فإنه لا يحسن. لكن يد الخذلان تصرفه كيف شاءت، ولهذا لم يذكر الله ø ترك تعجيل