إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[قرآن مسيلمة الكذاب]

صفحة 111 - الجزء 1

  فأفسد النظم لأن قول الله تعالى اشتمل على قسمة حسنة، لأنه بيّن أنه أعلم بمن ضل عن سبيله، وبمن اهتدى، وهذا الجاهل غيَّر ذلك، وأزال حسنه، وجعله تطويلا غير مفيد، لأن الحائد عن الطريق والمعتدي واحد، مع أن فيه إبدال لفظة بلفظة. وقد بيّنا أن ذلك لا يصح أن يسمى: معارضة.

  ثم قال هذا الجاهل: «ولئن أكرمه، وأفاء من النعمة عليه ليتم لها شكره، ثم يعرف بذلك ربه، إنه رب عليم، ورءوف حليم»، وهذا كلام كما ترى ركيك من كلام الكُتَّاب الذين لم يتقدموا في الصناعة، ولم يؤتوا حظا من البراعة.

  ولهذا الجاهل كلام كثير يجري هذا المجرى، ولا فائدة في إطالة الكتاب بذكر جميعه، بعد أن نبهنا على نمطه وطريقه، لئلا يغتر به مغتر.

  ثم قال بعد فصول من كلامه: «وبقي أن تستوي حالة الكلامين بأن لا يتفاضل الإعتقاد فيهما، فيعظم أحدهما، ويصغر الآخر، ثم تكثر تلاوة أحدهما كما كثرت تلاوة الآخر، فيستعذب ألفاظ أحدهما كما يستعذب ألفاظ الآخر، ويستفصحه كما استفصح الأول، فبالإلف يَعذُب المتلو، ويُستلَذ المأكول والمشروب والمنكوح، وبالتنكر والاستغراب ينفر عنه، ويبعد عن الصواب، ولتمد به الحنجرة، كما تمد بغيره».