الكلام في بيان أن الإعراض عن المعارضة إنما كان للتعذر
  فإذا ثبت ذلك، ثبت أن الداعي لهم إلى إبطال أمره وتكذيب دعواه، وإفساد حاله صلى الله عليه وآله، كان داعيا لهم إلى المعارضة، لعلمهم بأنهم لو أتوا بها كانت أبلغ الأشياء في التوصل إلى مرادهم، مع أنها أسهل الأمور في ذلك وأيسرها.
  ويمكن أن يُورَد هاهنا أسئلة ضعيفة تركنا ذكرها، لوجهين:
  أحدهما: ما كان من كراهتنا لتطويل الكتاب.
  والثاني: أن ما قدمناه من الابتداءات والأجوبة يأتي عليها، إذا تأملها المتأمل، ونظر فيها الناظر.
  على أن القرءان لا بد من أن يكون قد وقع على وجه يكون بوقوعه عليه ناقضا للعادة، أو يكون وقع خلاف ذلك الوجه، بأن يكون وقع كما يقع سائر الكلام المعتاد، فلا بد من أن تكون العرب عارفة بذلك، لأن أحوال الكلام لم تكن تخفى عليهم، فإن كانوا عرفوه ناقضا للعادة، فقد بان أنهم تركوا معارضته لتعذرها عليهم، وإن عرفوه جاريا مجرى الكلام المعتاد، فلا وجه من أجله يكونون تاركين لمعارضته، وإذا لم يعارضوه فقد صح أنهم تركوها للتعذر، لوقوع القرءان على وجه يكون ناقضا للعادة.
  ولا يصح أن يقال: إنهم شكوا في حاله، لأن علمهم بمثل هذا علم ضرورة، على أنهم لو شكوا كان أقل ما يكون منهم أن يجربوا