الفصل الثاني: المخطوط، مؤلفه ومنهجيته:
  ثانياً: منهجيّة أبي مخنّف في كتابه:
  إنّ مَنْ يستقرئُ منهَج أبي مِخنف في مصّنفهِ حول مقتل الإمام الحُسين # - لو قد صحّحنا المقتل المطبوع - وأخبار المُختار بن أبي عُبيد الثّقفي - لو قد صحّحناها أيضاً -، وأيضاً من يستقرئُ رواياته في كُتب التأريخ المذكورة قريباً؛ فإنّه سيجدُ نفَسَ الرّاوي الذي تفصلُ بيَنه وبينَ تلك الأحداثِ الوسائطُ الرّجاليّة والزّمانيّة لمّا كان زمانُه غير مُعاصرٍ لها، بِعَكس كتابه - هذا - في أخبار الإمام زيد بن علي # فإنّه يُصنّفُ في مرحلةٍ هُو شَاهِدٌ عليهَا، وعلى رُاوةٍ هُم أصحابُ الأحداث حول الإمام زيد بن علي #، فجُلّ الرّواة في هذا المصنّف هُم من طبقَة أبي مِخنَف لوط بن يحيى الأزديّ، التي عاصرَت طبقَة أصحاب الإمام زيد بن علي #، كِبار مشيخَة أصحاب الإمام زيد بن علي # والمُبايعين والخارجين معه، كأبي مَعْمَر سعيد بن خَثيم الهلاليّ، ومحمد بن قيس الأسديّ، وزياد بن المنذر الهمداني، وأبي خالد الواسطيّ، وأبي حمزَة الثّمالي، وغيرهم، فالرّواية عَنه عَن هؤلاء في حُكم المُسندَة، وقد حكى بعض المُؤرخّين وفاة أبي مخنف سنَة (١٥٧ هـ) - أي بعدَ وفاة الإمام الصّادق جعفر بن محمّد # بعشر سنوات -.
  وفي قولٍ آخَر فإنّ وفاته كانت في حدود - أو قبل - (١٧٠ هـ)، ثمّ قَد جعلَه ابن النّديم في «الفهرست» من طبقَة شيخ الزيديّة نصر بن مزاحم المنقريّ (ت ٢١٢ هـ)، والمولود تقريباً سنة (١٢٠ هـ)؛ فأصبحَ لا غرابَة أن يقفَ الباحثُ على ذكر أبي مخنف لجلّ روايات هذا الكتاب بواسطةٍ واحدةٍ بينهَ وبين أحداثِ وسيرَة الإمام زيد بن علي #، ينقلها أولئك الرّجال الذين عاينوا تلك الأحداث. ومَن لا يلحظُ هذه الجزئيّة من الحقبة الزمنيّة المُعاصرَة لمشيخَة أصحاب الإمام زيد بن علي # بالواسطة