الفصل الثاني: المخطوط، مؤلفه ومنهجيته:
  الواحدَة؛ فإنّه قد يظنّ أنّ أخبار أبي مِخنف أخبارٌ مُرسلَة، لمّا كان البعضُ تعوّد ذكرَ الوسائط الكثيرَة، أو طلب الوسائط الكثيرة في طائفة رواياته عن الإمام الحُسين #، أو المختار الثقفي، فإنّما ذلكَ لمّا كانت الأحداث عنه بعيدَة، وهُنا يذكُر واسطةً لمّا كان الحدثُ قريباً مُعاصراً، بل إنّ هذا هُو الأوجه - ذكر الواسطة الواحدَة - والزّمن زمنُ كبار أصحاب الإمام زيد بن علي # الواقفين على الأحداث. وهذا لا يعني أنّه لا توجد روايات مُرسلةٌ لبُعد الزّمان كالرّواية عن الإمام الحسن بن علي #، وعن حذيفة بن اليمان، وأمثالها.
  ثمّ نجدُ من منهجيّة المصنّفِ أبي مِخنف: أنّه يتتبّعُ الأخبَار عن أقرانِه كنصر بن مزاحم، وعمرو بن عبد الغفار الفقيمي، وربّما مَن هُوَ - أي أبو مِخنف - أكبرُ في العُمر منهُم، وهذه طبيعَة أصحاب الأخبار في التتبّع لتفاصيل الأخبار.
  وجديرٌ بالذّكر أن نذكُر أنّ أبا مِخنف قد ذكَر بعضاً من سيرة الإمام يحيى بن زيد # ضمَن هذا الكتاب، ولعلّ وجه ذلك هُو لمكان المُناسبَة لمّا كَانَ الأمر مُتصّلا بمقتل الإمام زيد بن علي # وحال أصحابه بعدَه وتفرّقهم، وأبرزُ شخصيّة فيهم شخصيّة ابنه الإمام يحيى بن زيد #. أو قد يكون هذا الكتابُ معنيّاً بأخبار الإمامَين، خصوصاً وأنّه قد أُثرَ أنّ لأبي مِخنف كتابٌ في الإمام زيد بن علي #، وكتابٌ في ابنه الإمام يحيى بن زيد #، وهذا الأخيرُ نستبعدُه، فهو إلى الاستطراد في الذّكر لمكان اتّصال الأحداث بأحداثِ استشهادِ الإمام زيد بن علي # وحال أصحابه بعدَه - أقربُ منه إلى تفصيل سيرة الإمام يحيى بن زيد #.