التبيان في الناسخ والمنسوخ في القرآن المجيد،

عبدالله بن محمد بن أبي النجم (المتوفى: 647 هـ)

[23 - سورة المؤمنون]

صفحة 128 - الجزء 1

  ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}⁣[النور: ٣]، قيل: المراد بالنكاح هاهنا: الوطء، والمعنى الإشتراك في فعل الزنا عن ابن عباس، وسعيد بن جبير: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} يعني: الوطء على المؤمنين، واعلم أن النكاح يشتمل على العقد والوطء، فقصره على الوطء لا معنى له، فذهب الأكثر أن المراد بالنكاح تحريم العقد فضلاً عن الوطء، فأمَّا الوطء فلا خلاف، ثم اختلف القائلون بهذه المقالة، فذهب أكثرهم إلى أنها منسوخة لا يعمل بها، نسخت بقوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}⁣[النور: ٣٢]، واعتلوا بحديث ضعيف في تحريم نكاح الزانية والزاني، فزعموا أن رجالاً كانوا يزنون في الجاهلية بنساء كنَّ عواهر، فلما أن حرم الله الزنا أرادوا أن يتزوجوهنَّ، فحرم الله ذلك عليهم خاصة بقوله: {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً ... الآية}، قال السيد الإمام العالم عبدالله بن الحسين بن القاسم: وهذا حديث ضعيف، لم يأتِ إلاَّ من طريق واحدة، ومن أهل هذا القول من قال: التحريم كان عاماً ثم نسخت الرخصة، ورووا في ذلك حديثاً ضعيفاً كذباً لا يلتفت إليه، زعموا أن رجلاً قال للنبي ÷ إنَّ امرأته لا ترد يد