[في الحج ومنزلته]
  خاتم الأنبياء تحمل لواء التوحيد، وتجسد وحدة الإنسانية، وتحقق أسمى ما تصبوا إليه البشرية من التحرر والمساواة والأمن والرخاء.
  والحج مؤتمر المسلمين، عرايا من كل شيء إلا من ثوب غير مخيط يستر العورة، عقيدة المسلمين هي وحدها العقيدة، وصبغة الإسلام وحدها هي الصبغة.
  وفي الحج أداء لحقوق الله وحقوق الناس، وسياحة للبدن، ومعراج للروح، وتوحيد للأمة، ونشر لكلمة التوحيد، صار الحج فريضة من يوم أطلق النداء أبو الأنبياء إبراهيم # قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج: ٢٧]، وجاء محمد ÷ بالإسلام، فكان الحج أحد أركان دعوته، وكانت الكعبة قبلته ووجهته، فتوجه القرآن إلى المسلمين ببلاغته الواضحة وندائه الصريح فقال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧]، وقد تقرر بهذا النص القاطع أن الحج فريضة على الناس من استطاع إليه سبيلاً، والإستطاعة وجود الصحة والزاد وأمن الطريق، ووجود المحْرَم للمرأة.
  وقال سبحانه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}[البقرة: ١٩٧]، وأشهر الحج هي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة وهي التي جعلها الله وقتاً للإحرام بالحج فيها، فمن حصلت له الإستطاعة وجب عليه الحج فوراً ولا يجوز له التأخير، فقد قال ÷: «من مات ولم يحج حجة الإسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً»، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[آل عمران: ٩٧]،