[في الإستقامة]
  سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام: ١٥٣]، ومعنى هذه الآية أن صراط الله وطريقه الذي جعله منهجاً للسالكين مستقيم لا عوج فيه، وأن على الناس أن يتبعوا هذا الطريق السوي، وأنهم إذا اتبعوه وساروا عليه أمنوا من الزيغ والضلال في الدنيا وسعدوا بنعيم الله ورضوانه في الآخرة، وإذا انحرفوا عن صراط الله واتخذوا طرقاً أخرى ابتدعوها من تلقاء أنفسهم، تفرقوا عن سبيل الله، وحادوا عنه، واستحقوا الضلال وتعرضوا للنكال، وسبب ذلك إعراضهم عن هداية الله، والإستقامة على هذا المنهج من شأنها أن ترقى بالإنسان وتصل به إلى الذروة من الكمال، وتحفظ عقله وقلبه من أن يتطرق إليهما الفساد، وتصون نفسه من التردي في مهاوي الرذيلة، لهذا اهتم الإسلام بها اهتماماً بالغاً وأولاها عناية خاصة، فقد دعا إلى الإستقامة وجعلها أعلى المقامات، وأسلوبه في الدعوة إليها أسلوب يستهوي الأفئدة، ويؤثر في النفوس، ويحملها على إلتزامها والتعلق بأهدابها: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٣٠ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ٣١ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ٣٢}[فصلت: ٣٢]، أي إن الذين آمنوا بالله إيماناً حقاً واستقاموا على الطريق الذي رسمه لعباده، فإن الملائكة تتنزل عليهم عند الموت، وتقول لهم لا تخافوا مما أمامكم من أهوال القبر وعذاب الآخرة، ولا تحزنوا على ما تركتم وراءكم من أموال ومن أولاد، وأبشروا بالجنة التي وعدكم الله بها، وإن هؤلاء الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا يتولاهم الله برحمته ورضاه، كما التزموا الإستقامة وساروا على الجادَّة دون اعوجاج أو انحراف، ولهم عند الله جميع الرغبات التي تشتهيها أنفسهم، ولهم جميع ما