[في فضل رمضان]
  من أعمالهم، فرض عليهم الصيام ليربيهم به وليختبرهم، وفوائد الصيام كثيرة، فهو عبادة قوامها: أن يملك العبد نفسه وأن يحكم هواه. وأن تكون لديه العزيمة التي يترك بها ما يشتهي. قوام الصيام تحرير الإرادة الإنسانية. وجعلها تبعاً لأوامر الله لا لما تريد النفس. وهذا هو الفرق بين الإنسان والحيوان. ومن هنا فرض على المؤمنين من مطلع الفجر إلى أول الليل أن يكبحوا أقوى رغائبهم، وان يتمرنوا على الحرمان المؤقت، وان يتدربوا على فهم الحديث الجليل وتطبيقه عملياً «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات».
  والصيام إمتناع عن الطبائع الرذيلة مثل الغضب والإستفزاز والفحش. ونجد ذلك في هذا الحديث، وهو قوله ÷: «والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنّي صائم». فيجب على المسلم أن يمسك نفسه عند الغضب، خاصة إذا كان صائماً، لئلا يبطل صومه، فأكثرنا لا يبدي الغضب إلا إذا كان صائماً. والمؤمن لابد أن يكون أملك لنفسه يوم صومه، ويتجنب الكذب والغيبة والنميمة، والنظر الى ما حرم الله. ويكون صيامه له جنة كما في الحديث: «الصيام جنة». واعلموا أن الإسلام شرع الصوم ولم ينظر إلى أنه حرمان بعض الوقت للنفس عن الأطعمة والأشربة، بل اعتبره حرماناً للنفس طول حياتها عن الشهوات المحرمة. ومن شواهد ذلك قوله ÷: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».
  وقال رسول الله ÷: «ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم». والقرآن الكريم يبين لنا منافع الصوم بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ