[في الإخلاص والإحسان]
  كان له أجراً جارياً ما انتفع به خلق من خلق الرحمن تبارك وتعالى». وقال: «ما مِن مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان إلا كان له به صدقة».
  بلى إن اللذَّات التي في النفس، إذا صاحبتها النية الصالحة، والهدف النبيل، تحولت إلى قربان، فالرجل يواقع امرأته يريد أن يحفظ عفافه، ويصون دينه، له في ذلك أجر، وما يَطْعمه أو يُطْعِمُه أولادَه وزوجته له مثوبة بنية الخير التي تقارنه، قال ÷: «ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة، وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة»، والحق أن المرء المسلم ما دام قد أسلم لله وجهه، وأخلص له نيته، فإن حركاته وسكناته وَنَوَمَاتِه ويقظاته تحتسب خطوات إلى مرضاة الله، وقد يعجز عن عمل الخير لقلة ماله، أو ضعف صحته، ولكن الله المطلع على خبايا النفوس، يرفع الحريص إلى الإصلاح إلى مراتب المصلحين، والراغب في الجهاد إلى مراتب المجاهدين، أما النية الخبيثة فإنها تهبط بالطاعات المحضة، فتقلبها معاصي شائنة، فلا ينال المرء منها بعد التعب في أدائها، إلاّ الفشل والخسارة، {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ٤ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ٥ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ٦ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ٧}[الماعون: ٧]، إن الصلاة مع الرياء أمْسَتْ جريمة، وكذلك الزكاة إن قارنتها النية الصالحة قبلت، وإلا فهي عمل باطل {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا}[البقرة: ٢٦٤]، إن القلب الخالي من الإخلاص لا يتقبل منه، كالحجر المكسو بالتراب لا يخرج زرعاً.
  ويظهر أن تفاوت الأجور التي أعدها الله لأهل الحسنات على حسناتهم من عشرة أضعاف إلى سبع مائة ضعف إلى ما شاء الله من الأضعَاف؛ يعود إلى سر الإخلاص