خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في ذكر مولد الرسول ÷]

صفحة 176 - الجزء 1

  على الطاعات، ويعلمهم الصبر على الأذى، والصفح الجميل، وعلى كل نوع من أنواع البر.

  هذا وقريش مصممة على طغيانها وتمردها، ومتمادية في جلب الشر والأذى بكل أنواعه على النبي ÷ ومن معه من المؤمنين، فأذن الله لرسوله ÷ بالهجرة إلى يثرب، وقد سبقه إليها الإسلام فهاجر ولحقه أصحابه، فالتقى المهاجرون والأنصار. وكان أروع منظر لسلطان الإسلام شهده التاريخ. وكانت الأوس والخزرج في حروب دامية قد أنهكت قواهم، فألف الإسلام بين قلوبهم ولو أنفق أحد ما في الأرض جميعاً ما ألف بين قلوبهم، ثم آخى رسول الله ÷ بين المهاجرين والأنصار فكانت هذه الجماعة المؤمنة من المهاجرين والأنصار هي النواة للأمة الإسلامية العظيمة التي أُخرجت للناس. ووقاية للعالم من الإنحلال الذي كان يهدده، وعصمة للإنسانية من الفتن والأخطار التي كانت قد أحدقت بها، وبعدها لا زالت الجماعة المؤمنة في ازدياد. ومجالس الرسول ÷ تزيد رسوخاً في الدين، وعزوفاً عن الشهوات، وتفانياً في سبيل الله لإعلاء كلمته، وشوقاً إلى الجنة، وحرصاً على العلم، وتفقهاً في الدين. يطيعون الله ورسوله في المنشط والمكره، وينفرون للجهاد خفافاً وثقالاً، انتصروا على الجاهلية في المعركة الأولى فكان النصر حليفهم في كل معركة، حتى أكمل الله الدين، وأتم نعمته على المؤمنين، ولم يبق للناس على الله أي حجة. وعندها التحق الرسول ÷ بربه الكريم بعد عشر سنوات من مهاجره صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، بعد أن وضع الأساس الذي تسلكه هذه الأمة، من إمامة #، وإيصائه بالثقلين والتمسك بهما، ولكن كان ما كان من تغيرات وأحداث.