[في ميلاد الرسول والحث على طاعته]
  {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]، جاء بهذا بعد أن كانت الوثنية سائدة في شبه الجزيرة، فالتوحيد هو الحق الذي ابتنى عليه الإسلام، وهو العلاقة الوحيدة الصحيحة بين الناس وربهم فيعتمدون عليه ويطلبون العون منه تعالى في الدنيا والجزاء في الآخرة.
  فقد بُعث بالتوحيد ÷ رحمةً للناس من هذا الإلحاد وعواقبه الشائبة، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم. والأغلال التي كانت عليهم.
  فلم يفرض علينا عنتاً ولم يكلفنا شططاً {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، وإن كلفنا الله بالجهاد لكنه واضح المعالم يستميت فيه الإنسان لتكون كلمة الله هي العليا، ولتكون حقوق الناس وأموالهم وأعراضهم ودماؤهم مصونة مقدسة، فإن مات شهيداً فقد كسب باستشهاده ما في الأرض والسماء.
  وكذلك شرع الله الحدود والقصاص رحمة بنا لأنها تهدي إلى حفظ النفوس والأموال والأعراض. وإشاعة الطهر بين الناس. وهذا معنى قوله تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩].
  وكذلك تتجلى الرحمة فيما جاء به ÷ وأمر به في أسلوب التعامل بينهم في الأموال والمحادثات والمجالس. والعالم مع الجاهل والجاهل مع العالم والصغير مع الكبير والعكس، والغني مع الفقير والقوي مع الضعيف، فلابد أن يعين الغني الفقير، ويرشد العالم الجاهل. والكبير يرحم الصغير، فالناس في نظر الإسلام فروع شجرة واحدة، وأساس الصلة بينهم التعاون. والدنيا دار اختبار ولكن الله يذكر الناس بضرورة التراحم بينهم.