[في استشهاد الإمام زيد بن علي @ - 25 محرم 122 هـ]
  الجبارين - علموا أن القوة لله جميعاً، وأدركوا أن الباطل ضعيف، مهما كان مظهره، لم يستول عليهم الضعف والفتور بل رفعوا رايات الحق ونكسوا أركان الباطل.
  هذا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لما فشى البغي والفسق، وانتشر الفساد والإلحاد، وارتكبت الجرائم العظام، واستأثر الجبارون بالفي، وأكمد المؤمنون المستضعفون، وكان هنالك ما لا يصفه الواصفون، من أحفاد هند آكلة الأكباد، وأحفاد مروان والحكم الملعون الطريد، ومن أشياعهم لعنهم الله وأخزاهم، أولئك الذين لا ينظر الله إليهم ولا يكلمهم ولهم عذاب أليم، {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ٢٥}[الرعد] {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ ٢٩}[إبراهيم]، لما كان حينئذٍ خرج الإمام زيد بن علي $ ثائراً لله ولرسوله ولأهل البيت وللمؤمنين المستضعفين المغلوبين على أمرهم، مجاهداً لهم بنفسه وماله، إيماناً وإحتساباً وحياءًا من رسول الله ÷ أن يلقاه على الحوض ولم يأمر في أمته بمعروف ولم ينه عن منكر.
  نعم هذا الإمام زيد، أبى إلا الحق ولم يرض إلا الإنصاف والعدل لمجتمعه، ومستضعفي أمته، وإن قتل وصلب ونسف في اليم نسفاً، طيبة بذلك نفسه، بل إنه يتشوق إلى ذلك شوقاً ويدعو الله بذلك دعاءاً، هكذا كان إيمان الإمام زيد حليف الذكر {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}[الأحزاب: ٢٣].
  قال محمد بن عبد الله النفس الزكية #: «أما والله لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذ اعوج، ولن نقتبس إلاَّ من نوره»، وزيد إمام الأئمة، وإذا كان مقتله # في محرم سنة اثنين وعشرين ومائة آخر يوم جمعة،