خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في المعنى الحقيقي للعيد]

صفحة 217 - الجزء 1

  قاموا بعبادته حق القيام: «ويدل على ذلك ما روي من أنه شوهد أمير المؤمنين علي # يأكل خبزاً خشناً يوم العيد فقيل له عيد وخبز خشن، قال: اليوم عيد وغداً عيد، وكل يوم لا يُعصى الله فيه فهو عيد».

  هكذا كانت حياة أمير المؤمنين # أعياداً كلها لأنه قضاها في عبادة الله وامتثال أوامره فيوم عيد الفطر هو اليوم الذي يحتفل فيه السابقون بسبقهم ليأخذوا الجائزة الكبرى من الله سبحانه. وهو اليوم الذي يقف فيه الخائبون ليفكروا في خيبتهم وخسارتهم.

  فالعيد الأكبر في الإسلام هو أن تعبد الله وتطيعه لا أن تنظف ثيابك وجسدك فقط، بل لابد أن تنظف قلبك من الغل والحسد والحقد على إخوانك المسلمين. وتنظف روحك حتى لا تنطق إلا بالخير، وتنظف مواقفك حتى لا تسعى بين الناس إلا بما ينفعهم. ولا تتحرك في أي موضع إلا بما يرضي الله، لأنا إذا عبدنا الله كما يريد أن يعبد، واتقينا الله كما يريد، وتحركنا في طريقه كما يريد أن نتحرك، وجاهدنا في سبيله كما يريد، وتحملنا مسؤليتنا في الحياة في كل ما أمرنا الله به ونهانا عنه ... فإنا بذلك نستطيع أن نحتفل بالعيد. عيد الفرح برضاء الله ورحمته، لهذا يريد الله منَّا أن نعيش الفرح الروحي الذي يملأ حياتنا بالمحبة والرحمة، ويوجه حياتنا على أساس الوحدة في الإعتصام بحبل الله المتين، وشريعته وكل ما يرضيه، فهو فرح الدنيا الذي يؤدي إلى فرح الآخرة فهذا هو المفهوم الذي نستوحيه من العيد، ونستمده منه، فإن المؤمن الصادق يعيش في هذه الدنيا عيشاً هنيئاً فرحاً مسروراً لا يقنط ولا يغضب ويشكر على ما أوتي، إن أصابته ضراء صبر وإن أصابته سراء شكر.