خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[خطبة في الإيمان]

صفحة 27 - الجزء 1

  يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤}⁣[الأنفال: ٤].

  فلا يغرنك أيها المسلم كلمات تحكيها بلسانك، وصلاة تحرك بها جسمك، ولا صلة لها بقلبك، وتظن أنها محض الإيمان، وتظن أنك بعَملها من الأبرار المتقين، بل زن نفسك كلَّ ساعة بهذا الميزان الدقيق، ميزان الإيمان، لتعرف درجتك فيه، ومكانتك فيه، فإن وجدت خيراً فاحمد الله على ما هداك إليه، وإن وجدت غير ذلك فأبواب التوبة مفتحة، وطرق العمل مُشْرَعة، فتب إلى الله على ما مضى توبة عبد عرف مقام ربه، وشديد بطشه، وعظيم قهره.

  يا نفسُ لو علمتِ قدر بأس الله وعذابه، ونكاله وعقابه، ما رقأ لكِ دمعٌ، ولا عمر لك رَبع، عن علي # أن رسول الله ÷ صلى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يهوي برأسه مصفراً، قد نحف جسمه، وغارت عيناه في رأسه، فقال رسول الله ÷: «كيف أصبحت يا فلان؟

  قال: أصبحت يا رسول الله موقناً.

  قال: فتعجب رسول الله ÷ من قوله، وقال له: لكل يقين حقيقة، فما حقيقة يقينك؟

  قال: إن يقيني يا رسول الله أحزنني وأسهرني ليلي، وأظمأ هواجري، فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها، حتى كأني أنظر إلى عرش الرحمن ربي ø، وقد نصب للحساب، وقد حشر الخلائق لذلك وأنا فيهم، وكأني أنظر إلى الجنة يتنعمون فيها،