خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في الأخلاق الحسنة]

صفحة 46 - الجزء 1

  والإيمان الحق، إن نبي الإسلام توعد هؤلاء الخالطين وحذر أمته منهم، وفي هذا ورد عن النبي ÷ أن رجلاً قال له: يا رسول الله إن فلانة تُذْكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها؟

  فقال ÷: هي في النار.

  ثم قال: يا رسول الله إن فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وأنها تتصدق بالقطع من الجبن ولا تؤذي جيرانها؟

  قال: «هي في الجنة»، فجعل ÷ الخلق أساس الإصلاح في الدنيا والآخرة.

  إن الإيمان والصلاح والأخلاق متلازمة متماسكة لا يستطيع أحد تمزيق عراها، فالمتدين الذي يباشر بعض العبادات ويعمل أعمالاً عدوانية كيف يعد من المتقين؟! وقد روي عن النبي ÷ أنه ضرب مثلاً قريباً لهذه الحالة فقال: «الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل»، فإذا نمت الرذائل في النفس وفشا ضررها وعظم خطرها انسلخ المرء من دينه كما ينسلخ العريان من ثيابه وأصبح ادعائه للإيمان زوراً، فما قيمة دين بلا خلق؟.

  وتقريراً لهذه المبادئ الواضحة في صلة الإيمان بالخلق القويم، يقول النبي الكريم ÷: «ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وحج واعتمر وقال إني مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان».

  وإذا عرفنا أن أوامر الله بأفعال حسنة، وأن نواهيه عن أمور قبيحة، وأنها كلها تدعوا إلى الخلق الحسن، وتوصل المتمسك بها إلى أحسن الأخلاق، لأنها في ذاتها حسنة عرفنا