خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[القيم الأخلاقية]

صفحة 52 - الجزء 1

  فكونوا من أولياء الله ورسوله والمؤمنين، {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ٥٦}⁣[المائدة]، ولا يستحوذ عليكم الشيطان فينسيكم ذكر الله فتخسروا الدنيا والآخرة، فالله يقول في أولئك: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}⁣[المجادلة: ١٩]، فأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.

  أيها المؤمنون: - لقد حقق الإسلام في فجره الأول مجتمعاً إسلامياً عظيماً قائماً في أساسه على التكامل الإجتماعي مجتمعاً يُعد نموذجاً في تاريخ المجتمعات التي اتخذت الأخلاق والتكامل أساساً لحياتها.

  لقد بدأ الإسلام ببناء هذا المجتمع العظيم بأن غرس في ضمائر الأفراد ووجدانهم بذرت الحب ونسمة الرحمة، الحب الإنساني الخالص، والرحمة الإنسانية المبرأة من كل شائبة، ولتحقيق تلكم المحبة أيقظ في وجدانهم شعور النسب والقربى فيما بينهم، وذكَّرهم أخوتهم في الله وفي النسب والمنشأ والمصير فيقول: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}⁣[النساء: ١]، ويقول الرسول ÷: «مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فبذلكم التوجيه العظيم وبهذا الإيقاظ اللطيف كانوا وصاروا أقرب إلى التعاون والتكاتف، وأدنى وأسرع إلى الإخاء إلى حد أن الأنصار قد تعاهدوا وإخوانهم المهاجرين، وقاسموهم أموالهم وأمتعتهم، ولقد اعتمد الإسلام في تحقيق ذلك على إقامة الأنظمة الإسلامية كلها على أساس التكامل لنظام الزكاة والمواريث، والأوقاف الخيرية، والمعاملات الإقتصادية،