[معاني الصلاة والزكاة]
  وهو أكثر قدرة على تطبيق منهج السماء وحمله والتبشير به، وقد رسم القرآن الكريم هذه الحقيقة حين أعلن أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهنا تتجلى الحقيقة التي تجعل من الصلاة مفتاحاً للأبرار ولوناً خاصاً من السلوك، لوناً بعيداً عن المتاهات والإنحرافات، وبعيداً عن الطيش والضياع، كما تجعل من الصلاة مفتاحاً لخلق مناعة طبيعية، لمواجهة جراثيم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
  وبعد اتضاح قيمة الصلاة الكبرى في خلق الشخصية الإسلامية الفذة الملتزمة تتضح لنا حقيقة أخرى هي: أن الصلاة عملية تهذيب للإنسان وتنزيهٍ له عن الكبر والخيلاء، لأن المرء المسلم حين يقف بين يدي ربه في هذه العبادة العظيمة يشعر في قرارة نفسه أنه وكل موجود في هذا الكون البديع يقفون على صعيد العبودية المطلقة لله وحده، وحينئذٍ يحس بالتحرر المطلق من كل عبودية لغير الله، فالإنسان وسائر أبناء جنسه يعيشون في إطار يحمل منتهى العبودية لله الكبير المتعال وعلى صعيد واحد من الكرامة والسؤدد، فلا بد إذن أن تلغى كل معالم الخيلاء والتكبر من المجتمع الذي يعيش في إطار الرسالة الإسلامية الخالدة الكريمة، فالصلاة تنزه الفرد من أدواء الخيلاء، والغرور والتكبر، إنطلاقاً مما تبثه الصلاة من إشعاعات روحية واجتماعية في نفسية كل مسلم.
  والموضوع الثالث: هو قولها صلوات الله عليها: «والزكاة تزكية للنفس، ونماءً في الرزق»، حقاً إن الزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق، فمن الحكمة البالغة أن الإسلام حين يفرض أحقية الزكاة للفقراء في أموال الأغنياء لم يجعلها مجرد ضريبة مالية تؤدى من الغني إلى الفقير؛ بل أضفى عليها طابعاً روحياً حين أعلن بأن الزكوة عبادة من العبادات العظيمة مثل الحج والصلاة والصيام وغيرها من العبادات، وأن الإنسان مسئول عن دفعها، مسئول أمام الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ومن هنا ينطلق