كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السابعة أن الله تعالى لا يشبه الأشياء

صفحة 129 - الجزء 1

  وأمّا كون الأوامر، والنّواهي، وإنزال الوحي، ونحو ذلك من جهة فوق فلا يدل على الجهة كما زعموا، وإنّما أجرى الله العادةَ بذلك لِمَا فيه من الألطاف إذ الأمر الذي يُتوقّعُ إتيانُهُ من فوقنا ليس كالأمر الذي يأتينا من سائر الجهات. وأمّا الآياتُ الكريمة: فالفوقُ فيها بمعنى: القدرة والقهر كما قال تعالى: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}⁣[الفتح: ١٠] ومعنى قوله: {الرَّحْمَانُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى}⁣[طه: ٠٥] أي: أستولى كما قال الشاعر:

  قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَفْكٍ لِدَمٍ مِهْرَاقِ

  فالاستواءُ في الآية بمعنى الإستيلاءِ، سواءٌ أُريد بالعرش جميع المُلك أو أُريد به الخلق العظيم المخصوص كما جاء في بعض الآثار، وفيها ما يقضي بأنه حيوانٌ. ودليل أنه قد يُعبّر به عن جميع الملك قولُ الشّاعر:

  إذَا مَا بَنُو مَرْوَانَ ثُلَّتْ عُرُوشُهُم ... وَأوْدَتْ كَمَا أوْدَتْ إيَادٌ وَحِمْيَرُ

  وأنكر جمهور أئمتنا ونشوان أن يكون المراد به الخلق العظيم المخصوص قالوا: والآثارُ من روايات الحشويّة و لا وثوق بها. وبنى الجمهور من العلماء ومتأخري الزيدية كالمهدي وغيره على خلافه. وقالوا بصحة الآثار الواردة في ذلك، وفيه كلام يطول ذِكْرُهُ يُخرجُنا عمّا نحن بصدده من الاختصار. وأمّا رفعُ