كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 131 - الجزء 1

  والسرور، والألم، واللّذة، هذا مذهب أهل العدل وأكثر أهل الملل الكفرية بل العقلاء. وبعضُ النصارى تقول إنه وَلَدَ عيسى ابن مريم، وبعض اليهود تقول إنه وَلَدَ عُزيراً فجعلوه محلّاً إذ الولد يستلزم الحلول والإنفصال. وقوم من الرّوافض جوّزوا عليه البدا. وقوم من المجوس جوّزوا عليه الفكرة، فقالوا: حَدَثَ إِهْرَمَنْ من فكرة يَزْدانَ الرّديّة وسيأتي قولهم. وقالت الكرامية: إن الحوادث تحلُّ في ذاته تعالى فإذا أحدث شيئاً أحدث معنىً حالّاً في ذاته، وهو الإحداثُ، صرّح بذلك متكلّمُهُم ابن الهيصم في كتاب المقالات. وأبو البركات البغدادي قال: ولا يصح إثبات الإلهيّة إلّا بذلك. وجوزت الفلاسفةُ عليه تعالى اللّذة، قالوا إنه يلتذ بإدراك ذَاتِهِ وكَمَالِهِ، وحُكي هذا عن الغزالي، وروى ابن الرّاوندي عن الجاحظ أنه حكى عن ابن شعيب وهو من قدماءِ المعتزلة أنه يجوز عليه الغمُّ، والسُّرورُ، والأسفُ، والغَيْرَةُ.

  قلنا: قد ثبت بالدليل القطعي بطلان أن يكون تعالى جسماً، وإذا ثبت ذلك بطل جميع ما ادّعاهُ المخالفون (لِأنَّ ذَلِكَ) الذي أثبتوه للباري (مِنْ تَوابعِ الْجِسْمِيّةِ وَالتَّحَيُّزِ وَهُوَ تَعَالَى لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا مُتَحَيِّزٍ) كما ذكرنا، وإذا بطل الأصل بطل جميع ما تفرّع عليه قطعاً.

«تنبيهٌ»

  ذهبت الكرامية إلى أنّ الله تعالى ليس بجسمٍ على الحقيقة ولا مماثلٍ للأجسام، ولكنّه جسمٌ لا كالأجسام، فليس بطويلٍ عريضٍ عميقٍ وهذه مناقضةٌ ظاهرةٌ، لأنّ المعقول من الجسم: الطويل العريض العميق، بدليل أنه لا يجوز أن